الأحد 24 نوفمبر 2024 الموافق 22 جمادى الأولى 1446
ads
ads
كريمة ابو العينين
كريمة ابو العينين

الكاتبة الصحفية كريمة أبو العينين تكتب | نجم وإمام

الأحد 04/أغسطس/2019 - 11:15 ص
طباعة
نجم وامام

من منا لم يسعد عندما كان يستمع الى كلمات الشاعر المبدع سابق عصره وكل العصور احمد فؤاد نجم ، ومن منا ايضا لم يجلس مع نفسه يردد درر شعر نجم والماساته الوطنية التى لن يجود الزمان بمثلها وبمثل من قالها ابدا . من المؤكد ان نجم كان يجمع كل مقومات العبقرية الفذة  فهو يكتب ويشعر ويتغنى بنفس درجات الارتقاء والرقى التى منحها الله له خاصة . نجم كان حكاية مجتمعة العناصر والاركان فهو صنع من فقره مادة لما يكتب ويريد ان يصف به حال ملايين المصريين فى مرحلة فارقة فى تاريخ مصر الحديث. الشاعر نجم كان لديه القدرة على ان يخوض فى النفس البشرية ويستخرج منها ماينغصها ومايسعدها فى نفس ذات الوقت ، كلماته عن الفقراء ومقارنته اياهم بالاغنياء تجعلك تنحنى تقديرا لمقدرته فى صياغة الكلمات وتسخيرها لكل موقف يتحدث عنه ولكل حالة يخوض فيها ويشرحها ويعللها. كان نجم ابن كيف كما يقولون وصاحب مزاج وكانت له مواقف مضحكة فى هذا الشأن فقد حكى عن اهداء صديقه رجل الاعمال المصرى الاشهر نجيب ساويرس موبايل فخيم فى بدايات ظهور الموبايلات فى مصر وشكره نجم وبعدما خرج ساويرس من شقة الشاعر العظيم فى المقطم جاء الى نجم واحدا من اصحابه ورفاق المزاج ورأى الموبايل فقال له نجم تاخده وتجيب بداله قرش حشيش فوافق الاخير على الفور ، ويقول نجم ان رجل الاعمال عندما حكيت له تلك الواقعة ضحك حتى وقع مغشيا عليه وقال لو عرفت ثمنه لثأرت ممن اخذه بهذا الثمن البخس .
نجم كان رجل لحظة يعيش اليوم بيومه والحالة بحالتها لم يكن يفكر ابدا بالغد ولايحسب له حسابا كما انه لم يدخر للمستقبل وكان دوما يقول جملة جميلة ..احنا ادام مستورين يبأه اكتر من كده طمع . 
نجم كان معشوق النساء كل من تعاملت معه وقعت فى هواه حتى لو لم تستمر معه فى عش الزوجية ؛ ولا انسى ماقالته عنه الفنانة صاحبة الصوت الرخيم المميز عايدة الايوبى فقد قالت اننى عشت معه حواء وهو آدم وحزنت عندما طلقنى ولااعرف سببا لتطليقى سوى اننى احببته وتمنيته لى لوحدى فقط.. لم يكن نجم يهاب فى الحق لومة لائم ولم يخف عمره من مسؤل او حاكم بل ان ام كلثوم فى عز شهرتها وتربعها وسلطتها لم ترهبه وسجن بسبب قصيدة له اسماها كلب الست وعندما تسمعها تطير اعجابا بنجم  وقدرته على السخرية ونظمه لكلمات تصف مواطنا فقيرا عضه كلب الست ام كلثوم وهذا المواطن الطيب تخيل ان القضاء سيأخذ حقه وربما تمادى فى التخيل وظن انه سيعالج ويعوض ماديا من الست نفسها ويأخذك نجم بكلماته المنمقة الجميلة ليصل بك الى اعتذار المواطن واعترافه بأنه ربما كان هو الكلب الذى تهجم على كلب الست ، ويسجن نجم على هذه القصيدة ولكنه لايتراجع ابدا ويواصل طريقه الصعب المحبب الى قلبه .نجم فى مرحلة طويلة من طريق صعوده نحو النجومية والشهرة كان يرافقة الشيخ امام ذلك الرجل صاحب الصوت العذب والاحساس المرهف والبصيرة الثاقبة والتى عوضه بها ربنا العظيم عن فقد البصر .. امام ونجم كانا متطابقان فى كل شىء ، فنجم يكتب عن الوطنية ومقاومة المعتدى ومكافحة الظلم والظالمين وامام يشدو بكلمات نجم ، نجم يكتب وامام يغنى والمجتمع المصرى كله يتابع ويواصل الاعجاب بهذان النموذجان الفارقان فى تاريخ بلدنا الحبيب . حتى السجن دخلاه وخرجا منه وهما كما هما مواصلان لدرب درء المساوىء واعلاء قيمة الوطن والمواطن . الاثنان كان ملتصقان فى كل مكان وزمان داخل وخارج الوطن حتى نجحت المكائد فى تفريقهما وانفصالهما وعانا كل منهما من لوعة الفراق ولم يتحمل الشيخ امام بعد نجم عنه فمرض ومات وحيدا فى شقة متواضعة فى احد احياء مصر عتيقة وطويت صفحة صوت امام ولم يتبق منه سوى تسجيلات وصور وكلمات تتحدث عن شخصيتان غيرتا شكل وصوت مصر الثقافى على مدى  سنوات طوال .بوفاة الشيخ امام ظهرت عوالم اخرى للعبقرى نجم وتنوعت كلماته واصبح التهافت والتسابق على التغنى بها اسلوب حياة وطريقة تعامل من قبل المغنين الذين يطرقون باب نجم ليل نهار ليحظوا برضاءه عنهم واختيارهم ليتغنوا بكلماته ، نجم صال وجال فى اقطاب المحروسة ونظم كلمات كالدرر ووصف بعبقرية فريدة مواقف ورجال ايا كان تصنيفهم وزمانهم واكتسح العالمية وتحدث بكلمات جميلة منمقة عن صناع الحرية داخل وخارج الوطن بل وذهب الى ابعد مايكون الى الامريكتين وقال كلام خالد فى ذاكرة الزمن والشعر عن جيفارا صانع الحرية اللاتينية. سخرية نجم لم ينجو منها احد ممن كانوا يظنون ان بايديهم صناعة القرار والمنح والمنع فقال نجم الكثير والكثير عن هذه النوعيات وجردهم من ورقة التوت الوهمية التى يسترون بها خيانتهم وبغضهم للوطن والحق والعدل والعدالة . لم يكن نهر الحب هو الاخر الا رافدا نهل منه شاعرنا العظيم واوجع قلوبنا عندما اراد واسعدها حينما يريد. نجم كان حدثا فريدا فى تاريخ مصر الثقافى لم ينه الموت ذكراه وان انهى حياته .. سلاما على من ظل رصيدهم باق وذكراهم متواصلة واعمالهم ذخرا لمعين الحب والوطنية والحرية ...
ما مدى انتشار واتساع الصحافة الالكترونية بالوطن العربي ؟
ما مدى انتشار واتساع الصحافة الالكترونية بالوطن العربي ؟